فإنه مما يحزن قلب المسلم الواعى ويؤسفه أن يرى إخوانه المسلمين لا يتثبَّتون فى دينهم, ولا يتقون الله فى علماء الإسلام الأكابر, ويراهم يرمون علماءنا بأشنع التُّهم,, وبأنهم يبيعون الآخرة بالدنيا, وحاشاهم واللهِ وكلا ثم كلا, فَلَكَمْ نعرف من أمانتهم وصدقهم, وصيانتهم, وتفانيهم فى الدفاع عن حوزة الإسلام, والدفاع عن نبى الإسلام وشريعته وأحكامه, بما لا يفقه هؤلاء الصغار, ولا يستطيعون أن يدانوه قيد أنملةٍ, وإنما وللأسف يتعلَّقون بأوهامٍ كاذبةٍ فى أذهانهم,فوجب علينا التوضيح والرد عليهم.

السرة الذاتية لشيخ الاسلام علي جمعة والمقالات والفيديو اضغط علي الصورة

الاثنين، 26 مايو 2008

الرد علي من ادعي أن الدكتور علي جمعة خالف قولة في ختان الآناث بعد تولي رئاسة دار الافتاء

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله وصلى الله وسلم على سيدنا محمدٍ مصطفاه, وعلى آله وصحبه, ومن والاه.

وبعـــــد:

فإنه مما يحزن قلب المسلم الواعى ويؤسفه أن يرى إخوانه المسلمين لا يتثبَّتون فى دينهم, ولا يتقون الله فى علماء الإسلام الأكابر, ويراهم يرمون علماءنا بأشنع التُّهم, وبأنهم يبيعون الآخرة بالدنيا, وحاشاهم واللهِ وكلا ثم كلا, فَلَكَمْ نعرف من أمانتهم وصدقهم, وصيانتهم, وتفانيهم فى الدفاع عن حوزة الإسلام, والدفاع عن نبى الإسلام وشريعته وأحكامه, بما لا يفقه هؤلاء الصغار, ولا يستطيعون أن يدانوه قيد أنملةٍ, وإنما وللأسف يتعلَّقون بأوهامٍ كاذبةٍ فى أذهانهم, وظنونهم المختلَّة, وقد نهينا عن اتباع الظن, فما بالنا بسوء الظن بعلماء الإسلام كالعالم الكبير مفتى الديار المصرية بل مفتى الإسلام الأستاذ الدكتور على جمعة- حفظه الله تعالى – من عالمٍ فطنٍ ذكىٍّ زكىٍّ ذابًّا عن الإسلام والشريعة عارفاً متبحراً مدركاً ما يقول وفى أى وقتٍ يقول, وفى أى زمانٍ يقول.

لا تغفلنْ سبب الكلام ووقته والكيفَ والكَمْ والمكانَ جميعا

فأقول:

إنه قد اعترض بعض القاصرين عن إدراك أحكام الشريعة على الوجه الحق, علـى أ.د/ على جمعة- مفتى الديار المصرية, أنه أفتى مرةً بأن الختان مباحٌ أو أنه مَكْرُمَةٌ, وأفتى مرةً أخرى أنه الآن يراه حراماً فعلُه, وأن الأحاديث الواردة فيه ضعيفة, وظن هؤلاء القاصرون بظنهم- وإن الظن لا يغنى من الحق شيئاً- وقد قال النبى صلى الله عليه وسلم: "إياكم والظنَّ, فإن الظن أكذبُ الحديث"- ظنوا به ظنًّا سيئاً, وأنه غيَّر فتواه فى الختان بعد تولِّيه الإفتاء إضاءً للحاكم أو لأى ظنٍ فاسدٍ فى أذهانهم العَفِنَة!!

والأمر ليس كذلك مطلقاً بل أبين لك وجه الحق فى ذلك, وسببه:

أولا: أن أحاديث الختان ضعيفةٌ, والضعيف لا يتقوَّى بالضعيف, ومثل هذه الأحاديث إنما يؤخذ بها فى فضائل الأعمال, ولا نبنى عليها الأحكام؛ لأننا لا نتعبد فى ديننا بما هو مشكوك فى نسبته للنبى صلى الله عليه وسلم, بل غاية الأمر فى مثل ذلك أن يرتفع الحديث الضعيف لتعدد طرقه من الضعيف إلى مرتبة الحسن, أو يُعَدُّ فعلُ هذه العادة من قبيل المكارم, ويقال على هذه الفعلة: "مَكْرُمَة", أو "مباح" بناءً على تعدد طرق الحديث وإن كان ضعيفاً, وإنزاله منزلة الحسن لتعدد طرقه, وهذا ما أفتى به الشيخ حينما سئل أولاً عن الختان.

ثانياً: هذه الفتوى الأولى حيث لم يكن هناك انتشارٌ لأضرارٍ وصلت إلى حدِّ موت فتاتين أو يزيد خلال شهرٍ تقريباً, أثناء اختتانهما على يدى طبيبين-(ناهيك إن كان الفاعل حلاق الصِّحة)- فلك أن تتصور كم سيصل عدد المُتَوَفَّيات فى هذه العملية المختلَفُ فيها فقهاً بين كونها عادةً أو مباحةً أو مستحبةً أو واجبةً. فحينما يصل الحد إلى أن الأطباء لا يستطيعون فعلها بجدارة, ويؤدى هذا غالباً لنزيفٍ يفضى إلى الوفاة؛ فلا شك اعتماداً على حديث النبى صلى الله عليه وسلم: "لا ضرر ولا ضِرَار", لا شك أن الضرر يتعين دفعُه عن المسلمة وعن أهلها الذين تحترق قلوبهم تفجُّعاً بمصيبتهم, ولربما ظنوا بسبب ذلك ظنوناً فاسدةً بالشرع الشريف المحكم الذى لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه, وإنما الأمر كما قال النبى صلى الله عليه وسلم: "إن هذا الدين متينٌ فأوغلوا فيه برفقٍ", وقال: "ولن يشادَّ الدينَ أحدٌ إلا غلبه".

أضف إلى ذلك أن رأى الأطباء مسلمين وغير مسلمين شرقاً وغرباً مجمعٌ على أن هذه العملية لا تأثير لها على عملية تخفيف الإثارة لدى المختتنة, وإنما مركز الإثارة محله المخ حيث يتلقى الإشارة من النخاع الشوكى, ويرسلها إليه, فتحدث الإثارة, أو التجاوب مع الإثارة, وذلك شىء يتعلق بالإرادة. والنبى صلى الله عليه وسلم يقول: "ألا لا ينازع ذو سلطانٍ فى سلطانه", والأطباء أصحاب السلطان(الخبرة) هنا, ورأيهم يُسمع ما لم يتعارض مع الشريعة, ولن يتعارض صحيح العلم مع صحيح الشرع, أما ها هنا فتعارض الطب الصحيح مع حديث ضعيفٍ, فقدمنا ما يدفع الضرر عن المسلم؛ لأن دفع الضرر(المتيقَّن, والمظنون) مقدَّم على جلب النفع(المتوهَّم). فلا نغامر بحياة المسلمات وصحتهن لأجل ظنون درجت عليها الناس يكذِّبها الطب, وليس لها من أدلة الشريعة ما يساندها من الأحاديث القوية الصحيحة, فاعتبروا يا أولى الأبصار من المتدينين والمثقفين وغيرهم.

ثالثاً: إن الفتوى تختلف طبقاً لشروطٍ أربعةٍ يعرفها صغار طلبة العلم فضلاً عن أهل العلم, وهى:

1- الزمان. 2- المكان. 3- الأشخاص. 4- الأحوال.

1- أمَّا عن تغير الفتوى بتغير الزمان, فعندها مربط الفرس؛ لأن ما يفتى به فى زمانٍ لا يفتى به فى آخر أحياناً مثال ذلك: قول النبى صلى الله عليه وسلم عندما أخبر عن أيام الدجال آخر الزمان, وأن أيامه تكون يوماً كأسبوعٍ, ويوماً كشهر, ويوماً كسنة, وباقى أيامه كسائر الأيام؛ فقيل: "كيف تكون الصلاة فى هذه الأيام", فقال: صلى الله عليه وسلم: "اقْدُروا لها قدرها". فلما طالت أيام الدجال ولم تكن كزماننا من حيث الطول والقصر أمر بحساب ذلك وتقدير أوقات الصلاة. وبناءً عليه وعلى أمثاله الكثيرة من الشريعة اختلفت فَتْوَتَىْ الختان من الشيخ لأن الأولى زمنها حيث لم تكن هناك حوادثٌ على أيدى أطباءٍ تتكرر بصورةٍ كبيرةٍ ومقلقةٍ.

بل إن النبى صلى الله عليه وسلم أذن الله له فى تشريع أحكامٍ فى أوقاتٍ ثم أمره بنسخها مثل قوله صلى الله عليه وسلم: "كنتُ نهيتكم عن ادخار لحوم الأضاحى لأجل الدَّافة, وقد جاء الله بالسَّعة فكلوا منها وادَّخروا", والدَّافة: جماعةٌ دخلوا المدينة قد أهلكتهم السنة, فكانوا يحتاجون للغذاء قطعاً. فنهاهم النبى صلى الله عليه وسلم عن ادخار لحوم الأضاحى فى هذا الوقت ثم أباحه لهم. فهذا حكمٌ بالتحريم وهذا حكم بالإباحة, وللعلماء فى رسول الله صلى الله عليه وسلم الأسوة والقدوة, وعنه نفهم سعة الشريعة ولا نغتر بضيق الأذهان والتشدد لأجل عدم الفهم والقصور والعجز. فهذان المثالان السابقان عن تغير الفتوى بتغير الزمان. فالنبى صلى الله عليه وسلم له القضاء والفتوى والسياسة الشرعية بما فيه مصلحة الرعية, وهذا من قبيل الفتوى له صلى الله عليه وسلم.

2- وأما عن تغير الفتوى بتغير المكان: فمثاله قوله صلى الله عليه وسلم: "إيَّاكم والجلوسَ فى الطرقات", قالوا: "ما لنا بدٌّ يا رسول الله", "فإن كان ولابد فأعطوا الطريق حقه", قالوا: "وما حق الطريق يا رسول الله"؟ قال: رد السلام وإماطة الأذى وغض البصر.." الحديث بمعناه.

فصار الجلوس بالطريق مؤدياً للحرام إذا لم يغض البصر مثلاً, فينبغى الكفُّ عن الجلوس حينئذٍ, وأما إذا قام بحق الطريق واحتاج للجلوس فلا بأس بذلك ومباحٌ له, طالما يقوم بحقوقه. فهذا حكم بالامتناع وهذا بالإباحة, بل يكون مأجوراً أيضاً إذا قام بحق الطريق. وللشيخ وللعلماء أسوة بالنبى صلى الله عليه وسلم فى هذا وأشباهه, فاتقوا الله واسمعوا وأطيعوا يا أهل الإسلام. فإذا قيل لى: إن الطفلة إذا دخلت أىَّ مكانٍ كمستشفى وغيره لعمل تلك العادة التى حديثها ضعيف وضررها محقق أو مظنون, ولا نفع لها بشهادة أهل الخبرة, فإذا دخلت ذلك المكان لإجرائه احتمل الأمر تعرُّضها لنزيفٍ وأضرارٍ أخرى نفسيةٍ تستمر معها ولا تُنسى غالباً؛ كان الحكمُ بالمنع من دخول ذلك المكان لأجل إجراء هذه العملية بعينها, أما لو كان الدخول لسببٍ آخر فلا شىء فيه.

فيجوز للإنسان أن يأكل الميتة فى صحراء قاحلةٍ لا زرع فيها لكى يُبقى على نفسه ويحفظها من الهلاك, فيتناول من الميتة بقدر ما يسد رمقه ويُبقى على نفسه, ويكون آثماً إثماً عظيماً عند الله تعالى إن تشدد ولم يأكل حتى مات وقال: إنها ميتة وأنا لا آكل الميتة لأنها حرام فى الأصل!!. بل ربما كان بذلك منتحراً مستهتراً بالنفس البشرية التى كرمها الله تعالى وأمر بحفظها. فأكل الميتة فى الصحراء لأجل ذلك السبب حلالٌ بل واجبٌ يأثم تاركُه؛ لأنه سيموت أو حتى يقارب على الهلاك بعدم الأكل. وأكل الميتة حرامٌ حيث وجد غيرها فى مدينةٍ أو قريةٍ أو أى مكانٍ كان. بل الحكم نفسه مختلفٌ فى نفس الصحراء لو وجد بها ما يؤكل مرةً, ومرةً لم يجد إلا الميتة, ففى الأولى يحرم أكل الميتة, وفى الثانية يجب أكل الميتة. فاعتبروا يا أولى العقول التى تتأمل وتفكر.

فهل لو أفتى إنسانٌ هنا بفتوى, ولو سئل عن الصحراء أفتى بأخرى سيقال عليه إنه يبيع دينه, ويُتهم بهذه السفاهات والجهالات التى تخدم أعداء الإسلام من النيل من علماء ورموز الإسلام؛ حتى يصير الشباب تائهاً لا يجد له قدوةً, ولا يطمح إلى السماع لأحدٍ, ولا يثق بأحدٍ إلا نفسه, ويصير إناءً فارغاً, ومن المعلوم أن كل إناءٍ ينضح بما فيه, فكن أخى الشاب ممتلئاً علماً من أهله, ونوراً من قرآن ربك وحديث نبيك, ولا تسارع إلى الحكم على شىءٍ من غير فهمٍ لمجرد السماع, ولمجرد حب أن يكون لك رأى, وإن كان لا أساس له من العلم والفهم, فأنت لا تستطيع أن تبدى رأياً مثلاً فى شىءٍ يتعلق بالجِيْنَات الوراثية أو بالفُوتونات أو بغير ذلك, وأنت لم تدرس هذه العلوم أو درستها على غير أهلها ممن لا يتقنها؛ فكذلك الحال فى الشريعة المحمدية العظيمة, بل الإثم فيها خطيرٌ جداً لا يستهان به, وعلومها كثيرة, وتحتاج إلى سنواتٍ وسنواتٍ وأعمارٍ لدراستها على أهل التخصص.

3- وأمَّا عن تغير الفتوى باختلاف الأشخاص, فقد كان يقول النبى صلى الله عليه وسلم لأحد الصحابة: "تُجْزِئك ولا تجزئ غيرك", ويقول له أحدهم عِظْنِى, فيقول له: "لا تغضب"_ يكررها ثلاثاً, ويأتيه آخر فيقول: "قل اللهم أعنِّى على ذكركَ وشكركَ وحسن عبادتك", فيقوله للناس عامةً: "أطعموا الطعام, وأفشوا السلام, وصلوا بالليل والناس نيام, تدخلوا الجنة بسلام"....إلى غير ذلك من جوامع الكلم عنه صلى الله عليه وسلم التى أمر بها كلَّ واحدٍ بما ينهضه ويناسبه ويرقيه مع الله تعالى, ويحتاجه أكثر من غيره من المأمورات لافتقاده تلك الخصلة أو الخُلُق, فيأمره بما يُصْلِحُه ويَصْلُح له بعينه.

ولنا أيضاً دليلٌ على ذلك فى مسألة إرضاع الكبير التى أمر فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم المرأة التى غار زوجها من يتيمٍ كان يدخل عليها وعلى زوجها ويعيش بينهما, وقد ناهز البلوغ, فأمرها بإرضاعه- يعنى تعصر ثديها فى ِشىءٍ من غير ملامسة لفمه ثم يشرب هو منه- فلم يأخذ الأئمة الأربعة بالحديث مع أنه صحيحٌ فى صحيح الإمام مسلم, وجعل بعض العلماء ذلك واقعة عينٍ- يعنى حالةً خاصةً لا يقاس غيرها عليها, وتخص هؤلاء الأشخاص بعينهم- ولا يأمر بذلك كل شخصٍ فى مثل هذه الحالة من المسلمين.

وكان سيدنا عمر رضى الله عنه يفتى فى المسألة من المسائل بقولٍ, ثم يفتى فى نفس الأحوال ولكن تجدَّد له النظر فى المسألة, ورأى رأياً خلاف ما رآه قبل ذلك, فيفتى به, فيقال له فى ذلك, فيقول لهم: "هذا على ما قضينا, وهذا على ما قضينا". ومن ذلك صاغ العلماء قاعدةً تسرى فى كل زمنٍ؛ لموسوعية الإسلام وسماحته, واحتوائه للأزمان والأماكن والأشخاص والأحوال, وهذه القاعدة هى: "لا يُنْقَضُ الاجتهادُ بالاجتهاد"- يعنى: إن أفتى العالم برأىٍ, ثم رأى غيره لاختلاف بيئة الفتوى أو مع عدم اختلافها, ولكن لمجرد رؤيته أن هذه المسألة الحكمُ فيه كذا وليس كما أفتى من قبلُ, فلا يُعْتَرَضُ عليه, ولا يتَّهم فى دينه, ولا يُظنُّ به سوءٌ كما يفعل أغبياء وجهلة هذا الزمن من مختلف التيارات والمشارب السوداوية المظلمة صحافةً كانت أو وهابيةً أو سلفيةً أو علمانيين أو ماكرين حاقدين على الإسلام وأهله وعلمائه؛ فانتبهوا يا أولى العقول التى تفكر وتبصر الرشاد من الغىِّ.

بل إن ذلك الاختلاف فى الفتوى يتطرق إلى علومٍ أخرى كعلم تفسير الأحلام, فمما يذكر عن إمام المفسرين للرؤى والأحلام الإمام ابن سيرين: أن رجلاً سأله عن رؤياه ناراً, فعبَّرها له بأنها خير, وسأله آخر عن رؤيا النار أيضاً, فقال: إنها شر, فسألوه عن اختلاف التفسيرين مع أن الرؤيا واحدة, فقال: الأول رآها فى الشتاء فكانت خيراً, والآخر فى الصيف فكانت شراً. فقد أثَّر اختلاف الزمان فى تعبير الرؤيتين, وهى رؤيا واحدةٌ.

بل إنه جاءه أحدهم يسأله عن الأذان فى النوم, فقال له: تحج البيت الحرام, وسأله آخر فقال: تسرق فتقطع يدك. فلما سألوه: قال إنه تفرَّس فى الأول ورأى فيه أنه من أهل الصلاح والخير, ففسرها بقوله تعالى: , ورأى أن الآخر من أهل الفساد والإفساد, ففسرها بقوله تعالــى: . فأثَّر اختلاف الشخصين فى اختلاف تفسير الرؤيتين, وإن شئتَ قلتَ أثَّر اختلاف حاليهما فى تفسير رؤيتيهما.

4- وأمَّا عن تغير الفتوى بتغير الأحوال, فكالنكاح تعتريه الأحكام الخمسة تبعاً لحالة الشخص نفسه, فإن كان يمتلك الباءة المالية والجنسية, وله رغبة قوية فى النكاح وتطوق نفسه إليه, فهذا يجب عليه الزواج حيث توفرت الدواعى ولا مانع ولا عائق يحول دونه. وإن كان لا يمتلك الباءة لكونه مقطوع الذكر مثلاً, فذلك يحرم عليه حيث يؤدى إلى الإضرار بالزوجة. وإن كان من أهل العبادة والتنسُّك وطلب العلم مشغولاً به دوماً, مع كون نفسه تطوق أحياناً إلى الزواج, ولا باءة عنده مالية, فهذا لا يجب عليه الزواج, وربما كان مكروهاً لفقدان الباءة فلا يستطيع الإنفاق,....إلى آخر الصور الأخرى التى تكلم أهل العلم عنها لا أهل الجهل فى هذا العصر من الشباب أحداث الأسنان ممن لا فهم لهم فى دين الله تعالى.

ولو شئنا أن نتتبع هذه الأمثلة والأحاديث والفتاوى والأقوال على مر عصور الإسلام لامتلأت منها المجلدات, ولكن ضعفاء العقل والفكر لا يقرؤن ولا يسمعون؛ فلا يفهمون, فهم فى غيِّهم يترددون, فاعتبروا يا أولى الأبصار ولا تنزلق بكم الأقدام إلى تلك المزالق المُرِيعة, وفى هذا القدر كفاية لمن كان طالباً للهداية. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

كتبه/ محمد عبد الرحمن الشاغول- باحث ومحقق للتراث, وأحد مريدى وتلاميذ أ.د/ على جمعة- مفتى الديار المصرية- حفظه الله تعالى , ونفعنى والإسلام والمسلمين به. آمين.

ليست هناك تعليقات: